الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة في مهرجان الزهراء : الجندوبي تؤكد أن تونس لن تكون "عفشة" .. وتطلق النار على هؤلاء

نشر في  02 أوت 2015  (22:10)

المكان: مسرح الهواء الطلق بالزهراء...الزمان : العاشرة مساء ... المناسبة: الدورة 38 لمهرجان الزهراء الدولي... المشهد الأول: امرأة متلحفة تعتلي الركح قبل أن يسقط لحافها ليكشف عن شخص ذي شعر طويل يتدلى على كتفيه يتبين فيما بعد انه امرأة تعاني من مشكل هرموني يتسبب لها في بروز شعر كثيف في وجهها وكامل جسدها استعملت تلك المرأة كل الوصفات الطبية و الرعوانية للتخلص من هذا الإفراز العجيب دون جدوى...
هو ملخص العرض الخاص لمسرحية "العفشة مون أمور" لوجيهة الجندوبي و الشادلي العرفاوي في الاخراج، عرض حضره وتفاعل معه جمهور غفير، واكتشفنا من خلاله ان مسرحية "العفشة مون امور" والمخاوف المطروحة فيها مازالت صالحة إلى حد الآن خاصة وأن هناك من يريد لتونس أن تكون مجرد 'عفشة'...
وكعادتها كانت وجيهة الجندوبة وفيّة للياقتها البدنية، حيث حافظت على نفس النسق منذ بداية المسرحية الى نهايتها رغم المجهود البدني الذي بذلته فالمسرحية لا تخلو من حركة ورقص وايقاع، ولئن تمسكت الجندوبي بنفس محاور المسرحية وبالفكرة الاصلية وهي الظواهر الاجتماعية التي انتشرت داخل المجتمع التونسي واستفحلت بعد الثورة والتحولات والشخصيات الجديدة التي طفت على السطح، فانها احدثت بعض التغيرات على العمل ولعل اول ما يلاحظه المشاهد هو التقليص في مدة العرض اضافة الى تحيينها من خلال اضافة بعض المواضيع الآنية والتي تشغل المجتمع التونسي ...
وبطريقة لا تخلو من سخرية عالجت الجندوبي ظاهرة اللّحيّ وبروزها بشكل مكثّف في الشارع التّونسي وما يقف وراءها من ظواهر أخرى، كالمدارس القرآنية والمشائخ وظاهرة الختان وغيرها، كما ركزّت شاشة عملاقة فوق الركح اظهرت شارع الحبيب بورقيبة وقد غزاه الشعر .
وجيهة الجندوبي لم تكن سوى تونس خلال هذا العمل، تونس التي أرهقتها كل مظاهر الخداع والنفاق الاجتماعي والاجندات السياسية وما سببه اختلاف الايديولوجيات من انقسام للمجتمع.
كما تطرقت وجيهة الجندوبي الى عديد الظواهر الاجتماعية التي يعاني منها الشاب التونسي على غرار البطالة والحرقة ولم يخلو العمل من نقد لاذع للسياسيين ومكونات المجتمع المدني والحكومة والجمعيات الخيرية التي كان هدفها الوحيد المتاجرة بآلام الفقراء والمهمشين، وسلطت الجندوبي والعرفاوي الضوء على مطالب الثورة التي تم قبرها وعلى عائلات الشهداء الذين نساهم الجميع.
كم جسدت الجندوبي طيلة الساعة ونصف وباسلوب طريف عديد الشخصيات نذكر منهم "سعيدة همّ" و "بشرى" و"سلمى" و"بوصبيع"، و"رشدي الحيتست" و"فلودة" و"بية الحنانة" و"مُحسنة ملقاط" و"المقلع" و"رايس الأبحار" وكلها شخصيات موظفة بحرفية لنقد المواضيع الحساسة في علاقتها بالمجتمع التونسي .
ومع تفاعل الجمهور الكبير، الذي استغلته وجيهة لتدخل بعض الاضافات وترتجل على الركح، انهت الجندوبي عملها بالعودة الى صورة تونس التي عهدناها وذلك بعرض شريط يظهر تونس الجميلة بعد ازلة الشعر عنها، وعلى صوت الشهيد الرمز شكري بلعيد واغنية "حياك بابا حياك" انهت الجندوبي مسرحيتها تحت موجة من التصفيق .
وهنا نشير الى ان الجندوبي وجهت تحية شكر الى رجال الجيش والامن الذين لم يسلموا من نقدها خلال هذا العمل..
ختاما ننوه بالعمل الجبار لمخرج العمل الشادلي العرفاوي وهو ما لامسناه من خلال التقنيات الموسيقية والاضاءة ...

سناء الماجري